فصل: سنة ثمان وخمسين ومئتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة إحدى وخمسين ومئتين:

فيها توفي إسحاق بن المنصور الكوسج، الإمام الحافظ أبو يقوب المروزي بنيسابور. في جمادى الأولى. سمع سفيان بن عيينة وطائفة. وتفقه على أحمد وإسحاق. وكان ثقة نبيلاً. وفيها حميد بن زنجويه، أبو أحمد النسائي، صاحب المصنفات روى عن النضر بن شميل، وخلق بعده.
وفيها عمرو بن عثمان الحمصي محدث حمص. روىعن إسماعيل ابن عياش وبقية وابن عيينة.
قال ابن عيينة: كان أحفظ من محمد بن مصفى.
وفيها أبو التقى هشام بن عبد الملك اليزني الحمصي الحافظ. روى عن إسماعيل بن عياش وبقية وكان ذا معرفة وإتقان.

.سنة اثنتين وخمسين ومئتين:

قتل المستعين بالله أبو العباس أحمد بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد العباسي. ولد سنة إحدى وعشرين ومايتين، وبويع بعد المنتصر وكان أمراء الترك قد استولوا على الأمر، وبقي المستعين مقهوراً معهم، فتحول من سامرا إلى بغداد غضبان، فوجهوا يعتذرون إليه ويسألونه الرجوع، فامتنع. فعمدوا إلى الحبس، فأخرجوا المعتز بالله وحلفوا له. وجاء أبو أحمد لمحاصرة المستعين. فتهيأ المستعين ونائب بغداد ابن طاهر للحرب. وبنوا سور بغداد. ووقع القتال. ونصبت المجانيق، ودام الحصار أشهر، واشتد البلاء وكثر القتل، وجهد أهل بغداد. حتى أكلوا الجيف وجرت عدة وقعات بين الفريقين. قتل في وقعة منها نحو الألفين من البغاددة. إلى أن كلوا وضعف أمرهم وقوي أمر المعتز. ثم تخلى ابن طاهر عن المستعين. لما رأى البلاء وكاتب المعتز ثم سعوا في الصلح على خلع المستعين فخلع نفسه على شروط مؤكدة في أول سنة اثنتين هذه. ثم أنفذوه إلى واسط. فاعتقل تسعة أشهر. ثم أحضر إلى سامرا، فقتلوه بقادسية سامرا في آخر رمضان.
وكان ربعة، خفيف العارضين، أحمر الوجه مليحاً، بوجه أثر جدري. ويلثغ في السين نحو الثاء. وكان مسرفاً في تبذير الخزائن والذخائر سامحه الله.
وفيها إسحاق بن بهلول، أبو يعقوب التنوخي الأنباري الحافظ. سمع ابن عيينة وطبقته وكان من كبار الأئمة، صنف في القراءات وفي الحديث والفقه.
قال ابن صاعد: حدث إسحاق بن بهلول نحو خمسين ألف حديث من حفظه.
قلت: عاش ثمانياً وثمانين سنة.
وفيها أبو هاشم زياد بن أيوب الطوسي البغدادي، دلويه الحافظ. سمع هشيماً وطبقته. وكان يقال له شعبة الصغير. لإتقانه ومعرفته.
وفيها بندار محمد بن بشار البصري، أبو بكر الحافظ، في رجب، سمع معتمر بن سليمان، وغندراً، وطبقتهما.
قال أبو داود: كتبت عنه خمسين ألف حديث.
وفيها محمد بن المثنى الحافظ، أبو موسى العتري البصري الزمن، في ذي القعدة. ومولده عام توفي حماد بن سلمة. سمع معتز بن سليمان، وسفيان بن عيننة وطبقتهما.
وفيها يعقوب بن إبرهيم، أبو يوسف الدورقي الحافظ، سمع هشيماً وإبراهيم بن سعد وطبقتهما.

.سنة ثلاث وخمسين ومئتين:

فيها توفي أحمد بن سعيد بن صخر الحافظ، أبو جعفر الدارمي السرخسي. أحد الفقهاء والأئمة في الأثر، سمع النضر بن شميل وطبقته.
وفيها أحمد بن المقدام، أبو الأشعت العجلي البصري المحدث، في صفر، سمع حماد بن زيد وطائفة كثيرة.
وفيها السري بن المغلس السقطي، أبو الحسن البغدادي، أحد الأولياء الكبار، وله نيف وتسعون سنة سمع من هشيم وجماعة، وصحب معروفاً الكرخي، وله أحوال وكرامات رحمة الله عليه. وفيها الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي، نائب بغداد، وكان جواداً ممدحاً عالماً قوي المشاركة جيد الشعر، مرض بالخوانيق.
وفيها وصيف التركي، كان من أكبر أمراء الدولة، وكان قد استولى على المعتز اصفطى الأموال لنفسه وتمكن حتى قتل.

.سنة أربع وخمسين ومئتين:

فيها قتل بغا الصغير الشرابي، وكان قد تمرد وطغى، وراح نظيره وصيف، فتفرد واستبد بالأمور. وكان المعتز بالله يقول: لا أستلذ بحياة ما بقي بغا. ثم إنه وثب فأخذ من الخزائن مائتي ألف دينار، وسار نحو السن، فاختلف عليه أصحابه وفارقه عسكره، فذل، وكتب يطلب الأمان، وانحدر في مركب، فأخذته المغاربة، وقتله وليد المغربي، وأتى برأسه، فأعطاه المعتز عشرة آلاف دينار.
وفيها أبو الحسن علي بن الجواد محمد بن الرضى علي بن الكاظم موسى بن الصادق جعفر العلوي الحسيني المعروف بالهادي، توفي بسامرا وله أربعون سنة. وكان فقيهاً إماماً متعبداً، استفتاه المتوكل مرة ووصله بأربعة آلاف دينار. وهو أحد الاثنى عشر. الذين يعتقد الشيعة الغلاة عصمتهم.
وفيها محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي. الحافظ أبو جعفر ببغداد، روى عن وكيع وطبقته، وولي قضاء حلوان، وكان من كبار الحفاظ، لما قدم ابن المديني بغداد قال: وجدت أكيس القوم هذا الغلام المخرمي.
وفيها أبو أحمد المرار بن حمويه الثقفي الهمذاني الفقيه، سمع أبا نعم، وسعيد بن أبي مريم، وكان موصوفاً بالحفظ وكثرة العلم.
وفيها العتبي، صاحب العتبية في مذهب مالك، واسمه محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة الأموي العتبي القرطبي الأندلسي الفقيه، أحد الأعلام ببلده. أخذ عن يحيى بن يحيى، ورحل فأخذ بالقيروان عن سحنون، ومصرعن أصبغ، وصنف المستخرجة. وجمع فيها أشياء غريبة عن مالك.
وفيها المؤمل بن إهاب. أبو عبد الرحمن، الحافظ بالرملة، روى عن ضمرة بن ربيعة، ويحيى بن آدم وطبقتهما.

.سنة خمس وخمسين ومئتين:

فيها فتنة الزنج، وخروج العلوي قائد الزنج بالبصرة، فعسكر ودعا إلى نفسه، وزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن علي بن عيسى الشهيد زيد بن علي، ولم يثبتوا نسبه. فبادر إلى دعوته عبيد أهل البصرة السودان. ومن ثم قيل الزنج، والتف إليه كل صاحب فتنة. حتى استفحل أمره. وهزم جيوش الخليفة. واستباح البصرة وغيرها. وفعل الأفاعيل. وامتدت أيامه الملعونة. إلى أن قتل إلى غير رحمة الله، في سنة سبعين.
وفيها خرج غير واحد من العلوية، وحاربوا بالعجم وغيرها.
وفيها توفي الإمام الحبر، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي التميمي السمرقندي الحافظ، صاحب المسند المشهور، رحل وطوف وسمع النضر بن شميل، وزيد بن هارون وطبقتهما.
قال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه. وقال محمد بن عبد الله بن نمير: غلبنا الدارمي بالحفظ والورع وقال رجاء بن مرجى: ما رأيت أعلم بالحديث منه.
وفيها قتل المعتز بالله أبو عبد الله محمد بن المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم محمد بن الرشيد العباسي، في رجب، خلعوه فأشهد على نفسه مكرها. ثم أدخلوه بعد خمسة أيام إلى الحمام فعطش. حتى عاين الموت وهو يطلب الماء، فيمنع. ثم أعطوه ماء بثلج، فشربه وسقط ميتاً، واختف أمه قبيحة، وسبب قتله: أن جماعة من الأتراك قالوا: أعطنا أرزاقنا، فطلب من أمه مالاً فلم تعطه، وكانت ذات أموال عظيمة إلى الغاية، منها جوهر وياقوت وزمرد، قوموه بألفي ألف دينار، ولم يكن بقي إذ ذاك في خزائن الخلافة شيء، فحينئذ أجمعوا على خلعه، ورئيسهم حينئذ، صالح بن وصيف ومحمد ابن بغا، فلبسوا السلاح، وأحاطوا بدار الخلافة، وهجم على المعتز طائفة منهم، فضربوه بالدبابيس، وأقاموه في الشمس حافياً ليخلع نفسه. فأجاب. واحضروا محمد بن الواثق من بغداد، فأول بن بايعه، المعتز بالله. وعاش المعتز ثلاثاً وعشرين سنة، وكان من أحسن أهل زمانه، ولقبوه محمداً بالمهتدي بالله.
وفيها توفي محمد بن عبد الرحيم. أبو يحيى البغدادي الحافظ البزاز. ولقبه صاعقة. سمع عبد الوهاب بن عطاء الخفاف وطبقته، وكان أحد الأثبات المجودين.
وفيها محمد كرام، أبو عبد الله السجستاني الزاهد شيخ الطائفة الكرامية. وكان من عباد المرجئة.
وفيها موسى بن عامر المري الدمشقي، سمع الوليد بن مسلم، وابن عيينة. وكان أبوه أبو الهيذام عامر بن عمارة، سيد قيس وزعيمها وفارسها. وكان طلب من الوليد، فحدث ابنه هذا بمصنفاته.

.سنة ست وخمسين ومئتين:

كان صالح بن وصيف التركي، قد أرتفعت منزلته، وقتل المعتز، وظفر بأمه قبيحة فصادرها حتى استصفى نعمتها، وأخذ منها نحو ثلاثة آلاف ألف دينار. ونفاها إلى مكة. ثم صادر خاصة المعتز وكتابه. وهم: أحمد بن إسرائيل، والحسن بن مخلد. وأبا نوح عيس بن إبراهيم. ثم قتل أبا نوح وأحمد.
فلما دخلت هذه السنة أقبل موسى بن بغا من بغداد وعبأ جيشه في أكمل أهبة ودخلوا سامرا ملبين قد أجمعوا على قتل صالح بن وصيف. وهم يقولون: قتل المعتز وأخذ أموال أمه. وأموال الكتاب. وصاحت العامة: يا فرعون. جاءك موسى. ثم هجم بمن معه على المهتدي بالله وأركبوه فرساً وانتهبوا القصر. ثم أدخلوا المهتدي دار باجور. وهو يقول: يا موسى. ويحك. ما تريد؟ فيقول: وتربة المتوكل لا نالك سوء. ثم حلفوه لا يمالئ صالح بن وصيف عليهم، وبايعوه. وطلبوا صالحاً ليناظروه على أفعاله فاختفى، وردوا المهتدي إلى داره، وبعد شهر قتل صالح.
وفي رجب قتل المتهدي بالله أمير المؤممنين، أبو إسحاق محمد بن الواثق بالله بن هارون بن المعتصم بالله محمد، بن الرشيد العباسي. وكانت دولته سنة. وعمر نحو ثمان وثلاثين سنة. وكان أسمر رقيقاً مليح الصورة ورعاً تقياً. متعبداً عادلاً فارساً شجاعاً، قوياً في أمر الله، خليقاً للإمارة، لكنه لم يجد ناصراً ولا معيناً على الخير وقيل: إنه سرد الصوم مدة إمارته. وكان يقتنع. بعض الليالي بخبز وخل وزيت، وكان يتشبه بعمر بن عبد العزيز.
وورد أنه كان له جبة صوف وكساء يتعبد في بالليل قد سد باب الملاهي والغناء. وحسم الأمراء على الظلم، وكان يجلس بنفسه لعمل حساب الدواوين بين يديه. ثم إن الأتراك خرجوا عليه، فلبس السلاح وشهر سيفه. وحمل عليهم فجرح. ثم أسروه وخلعوه، ثم قتلوه إلى رحمة الله ورضوانه، وأقاموا بعده المعتمد على الله.
وفيها توفي الزبير بن بكار الإمام أبو عبد الله الاسدي الزبيدي قاضي مكة، في ذي القعدة. سمع سفيان بن عيينة ومن بعده. وصنف كتاب النسب وغير ذلك.
وفيها ليلة عيد الفطر، الإمام حبر الإسلام، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري، مولى الجعفيين صاحب التصانيف. ولد سنة أربع وتسعين ومائة، وارتحل سنة عشر ومائتين، فسمع مكي بن إبراهيم وأبا عاصم النبيل، وخلائق عدتهم ألف شيخ، وكان من أوعية العلم، يتوقد ذكاء، ولم يخلف بعده مثله رحمة الله عليه.
وفيها يحيى بن حكيم البصري المقوم أبو سعيد الحافظ. سمع سفيان ابن عيينة وغندراً وطبقتهما. قال أبو داود: كان حافظاً متقناً.

.سنة سبع وخمسين ومئتين:

فيها وثب العلوي قائد الزنج على الأبلة فاستباحها وأحرقها، وقتل بها نحو ثلاثين ألفاً، فساق لحربه سعيد الحاجب، فالتقوا فانهزم سعيد. واستحر القتل بأصحابه. ثم دخلت الزنج البصرة، وخربوا الجامع، وقتلوا بها اثنتي عشر ألفا، فهرب باقي أهلها بأسواء حال، فخربت ودثرت. وفيها قتل توفيل طاغية الروم. قتله بسيل الصقلبي.
وفيها توفي المحدث المعمر، أبو علي ابن بن عرفة العبدي البغدادي المؤدب، وله مائة وسبع سنين. سمع إسماعيل بن عياش وطبقته، وكان يقول: كتب عني خمسة قرون. قال النسائي: لا بأس به.
وفيها زهير محمد بن قمير المروزي البغدادي الحافظ. سمع يعلى بن عبيد، ورحل إلى عبد الرزاق. وكان بن أولياء الله. قال البغوي: ما رأيت بعد الإمام أحمد بن حنبل أفضل منه. كان يختم في رمضان تسعين ختمه.
وفيها الحافظ أبو داود سليمان بن معبد السنجي المروزي. روى عن النضر بن شميل وعبد الرزاق، وكان مقدماً في العربية أيضاً.
وفيها الرياشي أبو الفضل العباس بن الفرج، قتلته الزنج بالبصرة وله ثمانون سنة، أخذ عن أبي عبيدة ونحوه، وكان إماماً في اللغة والنحو أخبارياً علامة ثقة. حكى عنه أبو داود في سنته. وفيها زيد بن أخرم، أبو طالب الحافظ، ذبحته الزنج أيضاً، روى عن يحيى القطان وطبقته. وفيها أبو سعيد الأشج، عبد الله بن سعيد الكندي الكوفي الحافظ. صاحب التصانيف، في ربيع الأول، وقد جاوز التسعين. روى عن هشيم وعبد الله بن إدريس وخلق. قال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه. وقال محمد بن أحمد الشطوي: ما رأيت أحفظ منه.

.سنة ثمان وخمسين ومئتين:

فيها توجه منصور بن جعفر، فالتقى بالخبيث قائد الزنج فقتل منصور في المصاف، واستبيح ذلك الجيش، فسار أبو أحمد الموفق أخو الخليفة في جيش عظيم، فانهزمت الزنج وتقهقرت، ثم جهز الموفق فرقة عليهم مفلح، فالتقوا الزنج، فقتل مفلح في المصاف وانهزم الناس، وتحيز الموفق إلى الأبلة. فسير قائد الزنج جيشاً، عليهم يحيى بن محمد، فانتصر المسلمون. وقتل في الوقعة خلق، وأسروا يحيى، فأحرق بعد ما قتل ببغداد، ثم وقع الوباء في جيش الموفق وكثر بالعراق، ثم كانت وقعة هائلة بين الزنج والمسلمين، فقتل خلق من المسلمين. وتفرق عن الموفق عامة جنده.
وفيها توفي أحمد بن بديل. الإمام أبو جعفر اليامي الكوفة قاضي الكوفة، ثم قاضي همذان، روى عن أبي بكر بن عياش وطبقته. وكان صالحاً لما تقلد القضاء، عادلاً في أحكامه، وكان يسمى راهب الكوفة لعبادته. قال الدرارقطني: فيه لين.
وفيها أبو علي أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي النيسابوري قاضي نيسابور. روى عن أبيه وجماعة.
وفيها أحمد بن سنان القطان، أبو جعفر الواسطي الحافظ. سمع أبا معاوية وطبقته. وصنف المسند، كتب عنه ابن أبي حاتم وقال: هو إمام أهل زمانه.
وفيها أحمد بن الفرات الحافظ، أبو مسعود الرازي، أحد الأعلام. في شعبان بأصبهان، طوف النواحي، وسمع أبا أسامة وطبقته، وكان ينظر بأبي زرعة في الحفظ، وصنف المسند والتفسير وقال: كتبت ألف ألف وخمسمائة ألف حديث.
وفيها محمد بن سنجر، أبو عبد الله الجرجاني الحافظ. صاحب المسند. في ربيع الأول بصعيد مصر. سمع أبا نعيم وطبقته.
وفيها محمد بن عبد الملك بن زنجويه. أبو بكر الحافظ، في جمادى الآخرة ببغداد. وكان أحد من رحل إلى عبد الرزاق فأكثر وصنف.
وفيها محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس. أبو عبد الله الذهلي النيسابوري. أحد الأئمة الأعلام، سمع عبد الرحمن بن مهدي وطبقته. وأكثر الترحال، وصنف التصانيف، وكان الإمام أحمد يجلسه ويعظمه. قال أبو حاتم: كان إمام أهل زمانه. وقال أبو بكر بن أبي داود: وهو أمير المؤمنين في الحديث.
وفيها يحيى بن معاذ الزاهد العارف. حكيم زمانه وواعظ عصره. توفي في جمادى الأولى بنيسابور، وقد روى عن إسحاق بن سليمان الرازي وغيره.

.سنة تسع وخمسين ومئتين:

كان طاغية الزنج قد نزل البطيحة، وشق حوله الأنهار وتحصن، فهجم عليه الموفق، فقتل من أصحابه خلقاً. وحرق أكواخه، واستنقذ من النساف خلقاً كثيرأً. فسار الخبيث إلى الاهواز. ووضع السيف في الأمة، فقتل خمسين ألفاً وسبى مثلهم. فسار لحربه موسى بن بغا، فحاربه بضعة عشر شهراً، وقتل خلق من الفريقين.
وفيها نزلت الروم لعنهم الله على ملطية. فخرج أحمد القابوس في أهلها، فالتقى الروم، فقتل مقدمهم الأقريطشي فانهزموا. ونصر الله المسلمين.
وفيها استفحل أمر يعقوب بن الليث الصفار ودوح المماليك استولى على أقليم خراسان وأسر محمد بن طاهر أمير خراسان.
وفيها توفي أحمد بن إسماعيل. أبو حذافة السهمي المدني صاحب مالك ببغداد، وهو في عشر المائة. ضعفه الدارقطني وغيره، وهو آخر من حدث عن مالك.
وفيها الإمام إبراهيم بن يعقوب. أبو إسحاق الجوزجاني الحافظ صاحب التصانيف. سمع الحسين بن علي الجعفي وشبابة وطبقتهما. وكان من كبار العلماء. نزل دمشق وجرح وعدل. وفيها حجاح بن يوسف ابن الشاعر الثقفي الحافظ، أحد الأثبات، سمع عبد الرزاق وطبقته. وفيها محمد بن يحيى الأسفرييني الحافظ، محدث أسفرايين في ذي الحجة، سمع سعيد بن عامر الضبعي وطبقته، وبه تخرح الحافظ أبو عوانة.
وفيها الحافظ أبو ابن محمود بن سميع الدمشقي، صاحب الطبقات،
وأحد الثقات. سمع إسماعيل بن أبي أويس وطبقته. قال أبو حاتم: ما رأيت بدمشق أكيس منه.

.سنة ستين ومئتين:

صال يعقوب بن الليث وجال، وهزم الشجعان والأبطال، وترك الناس بأسوأ حال، ثم قصد الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان، فالثقوا فانهزم العلوي. وتبعه يعقوب في تلك الجبال، فنزلت على يعقوب كسرة سماوية، نزل على أصحابه ثلج عظيم حتى أهلكهم، ورد إلى سجستان بأسوإ حال. وقد عدم بن جيوشه أربعون ألفاً، وذهبت عامة خيله وأثقاله.
وفيها توفي الإمام أبو علي الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، الفقيه الحافظ، صاحب الشافعي، ببغداد، روى عن سفيان بن عيينة وطبقته، وكان من أذكياء العلماء.
وفيها الحسن بن علي الجواد بن محمد بن علي بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني، أحد الأئمة الاثني عشر، الذين تعتقد الرافضة فيهم العصمة، وهو والد المنتظر محمد، صاحب السرداب.
وفيها حنين بن إسحاق النصراني، شيخ الأطباء بالعراق، ومعرب الكتب اليونانية، ومؤلف الرسائل المشهورة.
وفيها مالك بن طوق التغلبي، أمير عرب الشام.وصاحب الرحبة وبانيها.

.سنة إحدى وستين ومئتين:

فيها كانت الفتن تغلي وتستعر بخراسان. بيعقوب بن الليث.وبالأهواز بقائد الزنج، وتمت لهما حروب وملاحم.
وفيها توفي أحمد بن سليمان الزهاوي أبو الحسين الحافظ أحد الأئمة، طوف وسمع زيد بن الحباب وأقرانه.
وفيها أحمد بن عبد الله بن صالح، أبو الحسن العجلي الكوفي الحافظ نزيل أطرابلس المغرب، وصاحب التاريخ، والجرح والتعديل، وله ثمانون سنة، نزح إلى المغرب أيام محنة القرآن وسكنها، روى عن حسين الجعفي وشبابة وطبقتهما، قال عباس الدوري: إنا كنا نعده مثل أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين.
وفيها أو في حدودها، أبو بكر الأثرم، أحمد بن محمد بن بن هاني الطائي الحافظ. أحد الأئمة المشاهير، روى عن أبي نعيم وعفان، وصنف التصانيف، وكان من أذكياء الأئمة.
وفيها حاشد بن إسماعيل البخاري الحافظ بالشاش من إقليم الترك روى عن عبيد الله بن موسى، ومكي بن إبراهيم، وكان ثبتاً إماماً.
وفيها الحسن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي، قاضي قضاة المعتمد، وكان أحد الأجواد الممتدحين.
وفيها شعيب بن أيوب، أبو بكر الصريفني، مقرىء واسط وعالمها، قرأ على يحيى بن آدم، وسمع من القطان، وطائفة، وكان ثقة.
وفيها أبو شعيب السوسي، صالح بن زياد، مقرىء أهل الرقة وعالمهم. قرأ على يحيى اليزيدي، وروى عن عبد الله بن نمير وطائفة. وتصدر للإقراء، وحمل عنه طائفة.
قال أبو حاتم: صدوق.
وفيها أبو يزيد البسطامي، العارف الزاهد المشهور، واسمه طيفور ابن عيسى، وكان يقول: لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتفع في الهواء، فلا تغتروا به، حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الشريعة.
وفيها مسلم بن الحجاح، أبو الحسن القشيري النيسابوري الحافظ، أحد أركان الحديث، وصاحب الصحيح وغير ذلك، في رجب، وله ستون سنة. وكان صاحب تجارة وكان محسن نيسابور. وله أملاك وثروة، وقد حج سنة عشرين ومائتين، فلقي القعنبي وطبقته.

.سنة اثنتين وستين ومئتين:

لما عجز المعتمد على الله، بن يعقوب بن الليث، كتب إليه بولاية خراسان وجرجان فلم يرض حتى يوافي باب الخليفة. وأضمر في نفسه الاستيلاء على العراق، والحكم على المعتمد. وخاف المعتمد، فتحول عن سامراً إلى بغداد، وجمع أطرافه وتهيأ للملتقى، وجاء يعقوب في سبعين ألف فارس فنزل واسط، فتقدم المعتمد، وقصده يعقوب، فقدم المعتمد أخاه الموفق بجمهرة الجيش، فالتقيا في رجب، واشتد القتال، فوقعت الهزيمة على الموفق، ثم ثبت وشرعت الكسرة على أصحاب يعقوب، فولوا الأدبار. واستبيح عساكرهم، وكسب أصحاب الحليفة ما لا يحد ولا يوصف، وخلصوا محمد بن طاهر، وكان مع يعقوب في القيود، ودخل يعقوب إلى فارس وخلع المعتمد على محمد بن طاهر أمير خراسان، ورده إلى عمله. وأعطاه خمسمائة ألف درهم، وعانت جيوش الخبيث عند اشتغال العسكر، فنهبوا البطيحة، وقتلوا وأسروا، فسار عسكر الموفق لجربهم، فهزمهم وقتل منهم مقدم كبير يعرف بالصعلوك.
وفيها توفي عمر بن شبة، أبو زيد النميري البصري، الحافظ العلامة الأخباري، صاحب التصانيف، حدث عن عبد الوهاب الثقفي وغندر وطبقتهما وكان ثقة وفيها محمد بن عاصم أبو جعفر الأصبهاني العابد سمع سفيان بن عيينة وأبا أسامة وطبقتهما. قال إبراهيم بن أورمة: ما رأيت مثل محمد بن عاصم ولا رأى مثل نفسه.
وفيها يعقوب بن شيبة السدوسي البصري الحافظ، أحد الأعلام، وصاحب المسند المعلل، الذي ما صنف أحد أكبر منه، ولم يتمه، وكان سرياً محتشماً، عين لقضاء القضاة ولحقه على ما خرج من المسند، نحوعشرة آلاف مثقال. وكان صدوقاً.